نفسية الأطفال وتحديق الشاشات: دراسة تحذيرية تكشف تأثير الوقت أمام التلفاز والموبايل
في زمن تتغلغل فيه الشاشات في تفاصيل حياتنا اليومية، أصبح من الضروري التوقف والتفكير في آثارها على صحتنا النفسية، خصوصًا لدى الأطفال والمراهقين. فقد كشفت دراسة حديثة أن المدة الزمنية التي يقضيها الأطفال أمام الشاشات – سواء كانت شاشة التلفاز أو الكمبيوتر أو الهاتف المحمول – قد تؤثر سلبًا على صحتهم النفسية، وتزيد من احتمالية تعرضهم للاكتئاب.
اقرأ أيضًا:
النظام الغذائي المضاد لحب الشباب: ماذا نأكل لعلاج حب الشباب؟
كيفية فحص الجهاز وإزالة الفيروسات باستخدام ESET NOD32
هل تؤثر الشاشات فعلاً على نفسية الأطفال؟
وفقًا للدراسة التي نشرتها وكالة رويترز ونقلتها “سكاي نيوز”، فإن الأطفال الذين يقضون ساعات طويلة في تحديق الشاشات، وخاصة ما يفوق 5 ساعات يوميًا، هم أكثر عرضة بنسبة 80٪ للإصابة بالاكتئاب، مقارنة بأقرانهم الذين لا يشاهدون التلفاز أو يستخدمون الحاسوب مطلقًا.
وقد اعتمد الباحثون على تحليل شامل لبيانات أكثر من 125 ألف مشارك من مختلف الدراسات السابقة، وتوصّلوا إلى نتائج تؤكد وجود علاقة وثيقة بين المدة التي يقضيها الطفل أمام الشاشة وبين مستوى رضاه النفسي وسعادته.
الاعتدال هو المفتاح: متى يكون التلفاز مفيدًا لنفسية الأطفال؟
المثير في نتائج الدراسة أن المشاهدة المعتدلة للشاشات لم تكن ضارة فقط، بل على العكس، ارتبطت بشعور أفضل نفسيًا.
مثال على ذلك:
- الأطفال الذين يشاهدون نصف ساعة يوميًا من التلفاز كانوا أقل عرضة للاكتئاب بنسبة 8% من أولئك الذين لا يشاهدونه على الإطلاق.
- الأطفال الذين يسمح لهم بمشاهدة التلفاز لمدة ساعة يوميًا كانوا أقل عرضة للاكتئاب بنسبة 12%.
هذا يعني أن المشاهدة المعتدلة قد تُسهم في تحسين المزاج وتوفير ترفيه صحي إذا تم ضبط الوقت والمحتوى بعناية.
التأثيرات المحتملة على نفسية الأطفال لكثرة تحديق الشاشات
عندما يقضي الطفل ساعات طويلة أمام الشاشات يوميًا، قد يُعاني من بعض الأعراض النفسية والسلوكية، من بينها:
1. زيادة العزلة الاجتماعية
يتسبب الانشغال المفرط بالشاشات في تقليل التفاعل مع الأهل والأقران، مما قد يؤدي إلى شعور بالوحدة.
2. ضعف التركيز والانتباه
الانتقال السريع بين المحتويات الرقمية يؤثر على قدرة الطفل على التركيز والتعلّم في البيئة الدراسية.
3. اضطرابات النوم
التعرّض المستمر للضوء الأزرق من الشاشات قبل النوم يؤثر على جودة النوم ويؤدي إلى الأرق أو النوم المتقطع.
4. زيادة خطر القلق والاكتئاب
كما بينت الدراسة، هناك ارتباط مباشر بين الوقت الطويل أمام الشاشة وتزايد مشاعر القلق والاكتئاب لدى الأطفال.
5. ضعف النمو العاطفي والمعرفي
الانخراط المفرط في الشاشات يُقلل من فرص تعلّم المهارات الاجتماعية وتنمية الذكاء العاطفي.
توصيات الخبراء: أقل من ساعتين يوميًا لتحسين نفسية الأطفال
أوصى الباحثون في هذه الدراسة بضرورة أن يتدخل الآباء والأمهات للحد من وقت الشاشة لدى الأطفال، على ألا يتجاوز المجموع اليومي ساعتين فقط. هذا يشمل:
- مشاهدة التلفاز
- استخدام الهاتف المحمول
- اللعب على الحاسوب أو الأجهزة اللوحية
كما أكّدوا أن الوقت المحدود أمام الشاشة، إذا تضمن محتوىً تربويًا وترفيهيًا آمنًا، يمكن أن يكون مفيدًا في بعض الحالات.
دور الأهل في حماية نفسية الأطفال من تأثيرات الشاشات
ليست الشاشات في ذاتها هي العدو، بل طريقة الاستخدام ومدة التعرّض لها هي العامل الحاسم. وهنا يأتي دور الأسرة:
✅ ما الذي يمكن للوالدين فعله؟
- تحديد أوقات مشاهدة الشاشات بوضوح.
- مشاركة الطفل في مشاهدة المحتوى وتحويله إلى نشاط جماعي.
- تشجيع أنشطة بديلة مثل القراءة، الرسم، اللعب في الهواء الطلق.
- إطفاء الأجهزة ساعة على الأقل قبل النوم.
- مراقبة المحتوى والحرص على تقديم محتوى تعليمي إيجابي.
خاتمة: التكنولوجيا أداة… ولكن تحتاج إلى توازن
لا شك أن الشاشات أصبحت جزءًا من حياة الأطفال، لكن التحدي الحقيقي هو تحقيق التوازن بين الاستفادة منها والوقاية من آثارها السلبية.
إذا تمكنّا من ضبط وقت الشاشة وتوجيه الأطفال نحو المحتوى الهادف، يمكننا المساهمة في بناء جيل أكثر وعيًا وصحة واستقرارًا نفسيًا.
تابعنا على Facebook