الاكتئاب وأضراره
“أنا عندي اكتئاب” هذه الجملة المتكررة التي قد نقولها دون أن نشعر معناها لمجرد أننا نشعر ببعض الحزن بسبب ضغوط حياتية في العمل أو مشاكل الزواج أو أي مشكلة حياتية أخرى، لكن هل كل حزن نمر به في الحياة اكتئاب؟ أم أن الأمر أعمق من ذلك بكثير؟
في هذا المقال؛ نلقي الضوء بشكل تفصيلي عن الاكتئاب وأنواعه والأعراض الخاصة بهذا المرض وطرق علاجه.
هل الاكتئاب ظاهرة نفسية أم مرض؟
تظهر الإحصائيات الخاصة بمنظمة الصحة العالمية أن هناك حوالي 300 مليون مريض اكتئاب حول العالم، وفي كل عام يموت حوالي 800 ألف شخص بسبب الانتحار الناتج عن الاكتئاب.
هذه الاحصائيات السابقة تبيّن أن الاكتئاب ظاهرة مرضية عالمية مثله مثل بعض الأمراض الأخرى، وقد أظهرت الدراسات المتعددة أن الاكتئاب له العديد من الفرضيات العلمية حول أسباب إصابة الإنسان به، ومن أهم هذه الفرضيات هي التفاعل بين وفرة النواقل العصبية في الدماغ وحساسية المستقبلات والخلل في العمل بينهما مما ينتج عنه الخلل في كيمياء المخ، وبالتالي الإصابة بالاكتئاب والأمراض النفسية الأخرى.
ومن هنا نتأكد أن الاكتئاب ماهو إلا مرض نفسي وليس ظاهرة نفسية عارضة وهو ما أكدته الدراسات المختلفة حول الاكتئاب.
عوامل رئيسية ترتبط بالاكتئاب
هذه العوامل الرئيسية الهامة التي قد ترتبط بالاكتئاب وأمراض نفسية أخرى، لابد من الحذر منها تماماً لأنها تعتبر من مقدمات الإصابة بهذا المرض وغيرها من الأمراض النفسية الأخرى ومن هذه العوامل:
- عوامل كيميائية: وهذه العوامل تتسبب بها الخلل الكيميائي بين المواد الكيميائية في الدماغ والتي تسبب الإصابة بالاكتئاب.
- عوامل وراثية وجينية: قد تكون العوامل الوراثية والجينية ووجود حالات مشابهة في العائلة هي السبب الرئيسي بمرض الاكتئاب.
- عوامل نفسية: إن الأشخاص الذين يعانون من اضطرابات نمو الشخصية وعدم الثقة بالنفس هو الأكثر عرضة للإصابة بمرض الاكتئاب.
- العوامل المجتمعية: وهذه العوامل يتعرض لها الشخص المصاب بالاكتئاب تتمثل في العنف الأسري وسوء المعاملة والفقر.
أنواع مرض الاكتئاب
تتراوح شدة الاكتئاب حسب النوع الذي يصاب به الشخص، فهناك أنواع شديدة الأعراض، وهناك أنواعاً أخرى أخف ضرراً في ظهور الأعراض والمضاعفات ومن هذه الأنواع الاكتئاب الرئيسي أو الكبير والاكتئاب الموسمي والغير نموذجي والجزئي واكتئاب ما بعد الولادة الذي يصيب النساء و الاكتئاب الهوسي.
7 أعراض للاكتئاب
هذه الأعراض الظاهرة يجب عليك عزيز القارئ معرفتها لمساعدة مرضى الاكتئاب وتحمّل ظروفهم ومساعدتهم على تجاوزها وهذه الأعراض الرئيسي تنحصر في:
- الحزن الدائم سواء كان بسبب أو من غير أي أسباب.
- اضطرابات النوم والأرق والسهر لساعات طويلة، وهناك بعض الحالات تعاني من النوم لساعات طويلة.
- صعوبة التفكير في حل المشكلات، وصعوبة التركيز بشكل عام.
- الاعتقاد بالأفكار التشاؤمية في الحياة وتصل لحد التفكير في الانتحار.
- الشعور الدائم بالذنب.
- العياء والتعب الدائم للجسم بسبب أعراض الاكتئاب النفسية.
- فقدان الرغبة في ممارسة الأنشطة اليومية يصاحبه عدم الرغبة في تناول الطعام وهناك بعض الحالات تصاب بالبدانة بسبب الشهية الزائدة عن الحد.
وفي حالة عدم علاج الاكتئاب وأعراضه، فإن هناك بعض المضاعفات التي تصيب المكتئب مثل إدمان المخدرات و الخلل في العلاقات بينه وبين المحيطين به، والتفكير في الانتحار.
هل يمكن العلاج والوقاية من مرض الاكتئاب؟
بالرغم من الأعراض الشديدة التي تصيب المصاب بالاكتئاب حتى يظن البعض أنه لا فائدة من العلاج، إلا ان الدراسات الطبية الحديثة أكدت جميعها على وجود طرق علاجية فعّالة لعلاج الحالات الاكتئابية مثل العلاج بالصدمات الكهربية والعلاج الضوئي والعلاج الفيزيائي عبر ممارسة الرياضة والتخفيف من نوبات القلق وتحسين الحالة المزاجية.
وتتعدد أدوية مضادات الاكتئاب التي يعتمد عليها الأطباء في علاج الحالات الاكتئابية المختلفة ومن هذه الأدوية الفلوكسيتين والباروكسيتاين وسيرترالاين و دولو كسيتاين و فلوفوزامين وغيرها من الأدوية الهامة التي تثبت مستقبلات المخ المسؤولة عن الاكتئاب وتحسن من الحالة المزاجية للإنسان المصاب.
إلا أن الطرق العلاجية والدوائية السابقة يمكن الاستغناء عنها منذ البداية مع نصائح الوقاية من الاكتئاب، حيث يمكن للإنسان عدم التعرض للاكتئاب وهذه النصائح تتمثل في الآتي:
- درب نفسك على مهارات التفكير المنطقي لحل المشكلات الحياتية.
- التدريب من أجل القدرة على التأقلم مع مستجدات الحياة القاسية.
- مارس الرياضة وقم بالأنشطة الاجتماعية.
- عدم العزلة والتعرض للأفكار السلبية.
- في حالة ظهور أي أعراض نفسية عارضة وغير طبيعية عليك التوجه فوراً إلى الطبيب النفسي.
- لا تتناول أدوية مضادات الاكتئاب من تلقاء نفسك، ولكن عليك استشارة الطبيب قبل استعمالها.
في نهاية هذا المقال؛ يجب التعامل مع الاكتئاب على أنه مرض من ضمن الأمراض التي تصيب الإنسان وليست حالة عارضة تنتهي، بل قد يستمر الاكتئاب سنوات، لذلك علينا الوقاية منه من خلال التوعية والعلاج منه فوراً في حالة الإصابة لا قدر الله واللجوء لله تعالى في وقت الشدة.