النهار :: 2015-10-27
تفاقمت أزمة النفايات التي يتخبط فيها لبنان منذ أكثر من ثلاثة أشهر، بعدما غرقت بعض شوارع العاصمة بسيول من النفايات جراء هطول الأمطار وجرفها الأكياس المكدّسة على الطرق تزامناً مع تنظيف حملة طلعت_ريحتكم مجرى نهر بيروت.
الكوليرا تسبّب الجفاف
يؤكّد الدكتور علي حرب، اختصاصي طب أطفال في حديث لـ"النهار" أنَّ "الكوليرا بكتيريا موجودة في المياه والأرض الرطبة، تسبّب تعفناً في الأمعاء يليه جفاف في الجسم، يؤدي إلى مشاكل صحية. هذه البكتيريا تنتقل عبر شرب المياه أو تناول الأطعمة الملوثة. وتظهر عوارضها من خلال إسهال حاد غير عادي، يختلف عن ذاك الذي يرافق الأمراض العادية، إضافةً إلى تقيؤ حادٍ، وارتفاع في حرارة الجسم. فيخسر جسم الإنسان خلال أقل من 24 ساعة مخزون المياه الموجود. ويمكن أن يصبح حاله خطراً، ويتسبَّب تالياً في وفاته خلال 24 أو 48 ساعة لأنَّ الجفاف يضرب جسمه جراء خسارته لكميات كبيرة من مخزون المياه".
انتقال العدوى
يشير حرب إلى أنَّ "الكوليرا مُعدية إذ ينتقل من شخص إلى آخر، خصوصاً إذا كان المريض يفتقد إلى أدنى مقومات النظافة الجسدية، فشرب المياه بالكوب نفسه، أو مسك أغراض سبق للمريض أن أمسك بها، سيعرِّض بقية أفراد الأسرة لخطر الإصابة بالكوليرا. ما يستدعي اللجوء إلى إجراءات صحية تكمنُ في عزله عن بقية أفراد العائلة، إن في المنزل أو في المستشفى، ويتطلَّب ممَّن يقترب منه استخدام الكمامات والقفازات الطبية. ومن ثمَّ تعقيم وتنظيف الأغراض التي كان يستخدمها. ولمنع انتقال العدوى يعتبر الحفاظ على نظافة اليدين، عبر غسلهما باستمرار ضرورياً خصوصاً قبل تناول أي طعام".
الخطر يطال الأطفال
إلى ذلك، يؤكد حرب أنَّ "الوقاية ضرورية عبر غسل الأطعمة بالمياه وإضافة مطهر أو مبيد للجراثيم (antiseptique) إليها، أما في ما يتعلق بمياه الشرب فيمكن تسخينها لتغلي ومن ثمَّ وضعها في البراد لتصبح خالية من البكتيريا أو الفيروسات".
ماذا عن العلاج؟ يشرح حرب أنَّ المريض بعده خضوعه للعزل يتلقى علاجاً هو عبارة عن مصلٍ يفضَّل حقنه في العروق، مترافقاً ودواء التهابٍ للقضاء على المرض بسرعة هائلة. وهنا، لا بدَّ من لفت الانتباه إلى أنَّ الكوليرا خطرة جداً إذا ما أصابت الأطفال الصغار والرُّضَّع لأنهم لا يملكون مخزون مياه كافٍ في الجسم، فكلما كان الطفل صغيراً في السنِّ واجه نسبة وفاةٍ أكثر من غيره. إذ إنَّه لا يتقنُ ماهية التعبير عما يشعر به ما يهدِّدُ حياته".
وعلى رغم إشارته إلى أنَّ ما يجري في لبنان يحمل في طياته بعض التهويل، يلفت حرب إلى خطر تأثُّر الأرض والمياه الجوفية بأضرار النفايات، مشيراً إلى "وجود لقاح فعّال، يتمُّ أخذه كل 3 سنوات، أو قبل السفر إلى دول مثل الهند أو أفريقيا، ولكن في لبنان لا نجري هذا اللقاح لأننا لا نعاني من المرض".
فحص الوافدين من العراق
أما من يصل إلى مطار رفيق الحريري الدولي يرى آلة وجهاز كمبيوتر يتوقف عنده زوار المطار، فما الهدف من ذلك؟ يجيب الدكتور حسن ملاح، رئيس الحجر الصحي في مطار رفيق الحريري الدولي "النهار" أنَّ "وزارة الصحة اللبنانية خصصت في المطار آلات لفحص الوافدين إلى لبنان، بدأت الخطوة منذ عام جراء انتشار مرض إيبولا حيث كان يخضع الزوار أو المقيمون في الدول الأفريقية لكشف صحي ولا زلنا نتابع هذا الموضوع. ومن ثمَّ استجدَّ علينا الكوليرا من العراق، ونقوم بفحص الوافدين من العراق خصوصاً مناطق بغداد، النجف، والبصرة تجنباً لانتقال المرض حيث برزت إصابات عدَّة هناك جراء الحرب والتلوث وسوء التغذية. ونوزِّع منذ شهرين على زوار المطار كُتيِّبات للتوعية حول الكوليرا، ونقوم بتلقيح الكبار والصغار بطعمٍ ضد الشلل منذ نحو سنة".
الإرشادات اللازمة لتفادي الكوليرا
وكان محافظ مدينة بيروت زياد شبيب قد كلَّف مصلحة الصحة العامة في بلدية بيروت بإعداد الإرشادات الضرورية التي يجب إعطاؤها للمواطنين لتجنب التقاط الأمراض المتنوعة تزامناً مع المخاطر الصحية المحتملة من أزمة النفايات، بحسب ما جاء في بيانٍ صادر عن دائرة العلاقات العامة في بلدية بيروت، أهمها:
– "غسيل الأيدي بصورة واقية ومتكرّرة، خصوصاً قبل تناول الطعام وبعده.
– تعقيم الخضار والمأكولات النيئة وطهو اللحوم على أنواعها جيداً، ثم تغطيتها وعدم تعريضها للهواء الملوث.
– التأكد من مصدر مياه الشرب وتكريرها وتعقيمها، ويفضل استعمال مياه من مصادر موثوقة خصوصاً من مصدر مؤسسة مياه بيروت أو أن تكون معبأة في زجاج واعتبار كل مصادر المياه من غير شركات المياه ملوثة خصوصاً المياه الجوفية.
– تفادي مياه البحر وعدم تناول ثمار البحر النيئة.
– استعمال المبيدات عند الضرورة في المنازل لمكافحة الحشرات، خصوصاً الذباب والبعوض، ورش القمامة بصورة دورية بالمطهرات".
بات من المؤكد أنَّ عدم التوصل إلى اتفاق لحلِّ أزمة النفايات يمكن أن يحوّلها إلى كارثة صحّية في حال بقي القرار بمعالجة فورية وبالشكل المطلوب والمقبول من الجميع غائباً.
ارسال تعليق جديد