فرخ البط القبيح

فرخ البط

فرخ البط القبيح

في نهاية فصل الصيف، وبالقرب من كوخٍ قديم، بنت بطة أمٌّ عشّها بجانب بحيرة صافية. كانت مستلقية على بيضاتها منذ وقتٍ طويل، وكانت تتأملها وتفكر:
“لقد مضى وقتٌ طويل وأنا أنتظر… حان الوقت أن تفقس هذه البيوض.”

وبالفعل، بدأت البيوض تتحرّك، ثم تصدّعت قشورها شيئًا فشيئًا، وخرجت منها فراخ بطٍّ صغيرة، ما زالت مبللة لا تستطيع المشي جيدًا.
لكن ما إن جفّ ريشها، حتى وقفت تهزّ أجسامها الصغيرة بسعادة.

بينما كانت الأم تطمئن على صغارها، التفتت إلى بيضة كبيرة ما زالت لم تفقس، فقالت في نفسها:
“يا إلهي، لا يزال هناك بيضة!”

ذات صلة:

ميا الصغيرة تقول ماما وبابا

فيليكس يذهب إلى الفضاء

مرّت بجانبها بطة عجوز، ونظرت إلى البيضة الكبيرة وقالت:
“أخشى أن تكون هذه بيضة ديك رومي… لقد حدث هذا معي من قبل. ذاك الفرخ لم يعرف كيف يسبح أبدًا! أنصحك بتركها وشأنها.”
ثم مضت في طريقها بهدوء.

لكن البطة الأم قررت أن تنتظر قليلاً. وبعد حين، بدأ صوت خافت يأتي من داخل البيضة، ثم تصدّعت القشرة… وخرج فرخٌ غريب الشكل، بريشٍ رمادي باهت وجسمٍ ضخم، لا يشبه بقية إخوته.
نظرت إليه الأم مليًا وقالت:
“إنه مختلف… لكنه لا يبدو ديكًا روميًا، فها هي رجلاه، وله شريط السباحة مثل البط تمامًا!”

في اليوم التالي، أخذت الأم فراخها إلى البحيرة، فقفزت جميعها في الماء، بما فيهم ذلك الفرخ الغريب. وكم كانت فرحتها كبيرة عندما رأت أن حتى ذاك الفرخ يسبح بمهارة!

ثم أخذتهم إلى فناء المزرعة لتعرّفهم على بقية الحيوانات.
لكن الأمور لم تسر كما تمنت… إذ بدأ الجميع يسخر من الفرخ الرمادي الكبير:

“ما هذا الفرخ القبيح؟” قال أحد البط.
“لم أرَ من قبل بطًا بهذا الشكل!” قالت دجاجة عجوز.
حتى الحيوانات الأخرى بدأت تنقره وتضحك عليه.

لم يكن أحد يودّ اللعب معه. كان الفرخ الصغير وحيدًا، حزينًا، وكلما كبر شعر بأنه منبوذ وغير محبوب.
رغم محاولات أمه لطمأنته، ظل يسأل نفسه:
“لماذا أنا مختلف؟ لماذا لا يحبني أحد؟”

حتى جاء يومٌ لم يعد يتحمل فيه السخرية، فهرب من المزرعة في الليل، وركض وركض حتى وصل إلى غابة كثيفة، وهناك، وجد مستنقعًا تعيش فيه بطّات برية.

اختبأ خلف شجرة، وهو منهك ومتعب، لكنه شعر لأول مرة بالسكينة.
في الصباح، اقتربت منه بعض البطات وسألته:
“من أنت؟ ما اسمك؟”

قال بخجل:
“أنا بطة مزرعة… لكنني أعلم أنني مختلف، لا أحد يشبهني.”

أجابته البطات:
“صحيح، لم نر بطًا مثلك، لكن لا بأس. يمكنك البقاء هنا، هذا المستنقع واسعٌ للجميع.”

سُرّ الفرخ القبيح بذلك، وأمضى أيامه بينهم، مستمتعًا بالهدوء، بعيدًا عن قسوة المزرعة.
ومع بداية الخريف، كانت أوراق الأشجار تتساقط بلونٍ ذهبي، والرياح تشتد.

وذات صباحٍ بارد، نزلت أمامه إوزّتان جميلتان من السماء. قالا له:
“هل تود أن تنضم إلينا؟ نحن نهاجر إلى مكان دافئ، حيث يعيش الكثير من الإوزّ الجميل.”

قبل أن يُجيب، دوّى صوت بندقية، وسقط أحد الإوزّين في المستنقع.
ركض كلب ضخم وسط المياه، وتبعته كلاب أخرى.
اقترب أحدها من الفرخ القبيح، لكنه توقف لحظة، ثم ابتعد عنه!

قال الفرخ وهو يرتجف:
“أنا قبيح لدرجة أن حتى الكلب لا يراني صالحًا للأكل!”

مرت الأيام، واشتدّ البرد.
في يومٍ قارس، تجمّدت ساقاه وهو يسبح، وكاد أن يموت من البرد، لكن فلاحًا رآه، فأخذه إلى بيته، ودفأه واعتنى به.
إلا أن أطفال الفلاح كانوا مشاغبين، أرعبوه، فطار من النافذة وهرب مرة أخرى.

ومرت عليه أشهر الشتاء بصعوبة، حتى جاء الربيع…
وذات صباحٍ دافئ، بينما كان الفرخ نائمًا بين الأعشاب، شعر بدفء الشمس، ففتح جناحيه وطار.

وفي أثناء طيرانه، رأى حديقة بها بحيرة، وعلى سطحها ثلاثة طيور بيضاء مذهلة، ذات أعناق طويلة.
اقترب بخجل، وقال في نفسه:
“كم أتمنى أن أكون مثلهم…”

وحين اقترب من سطح الماء، رأى صورته تنعكس فيه، فتجمّد في مكانه بدهشة!
لم يعد ذلك الفرخ الرمادي القبيح…
بل صار بجعة بيضاء جميلة!

فصرخ الأطفال من بعيد:
“انظروا! بجعة جديدة! إنها أجملهم جميعًا!”

فهم الفرخ الآن الحقيقة:
لم يكن قبيحًا أبدًا… لقد كان مختلفًا فقط لأنه كان بجعة، لا بطة.

تابعنا على Facebook

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن