
كيس الدقيق والفأر الصغير
كان يا ما كان، في بلدةٍ صغيرةٍ هادئة، كان هناك شاب طيب يُدعى إسماعيل، يعمل بكل جد ونشاط في مخبز كبير.
كان يستيقظ باكرًا كل صباح، يحمل أكياس الدقيق الثقيلة من أمام الباب إلى داخل المخبز، ويبدأ يومه بالعمل دون شكوى.
وذات يوم، جاءت شاحنة كبيرة محمّلة بكثير من أكياس الدقيق، وأنزل السائق الأكياس أمام المخبز كما يفعل كل يوم.
خرج إسماعيل كعادته، وبدأ يحمل الأكياس واحدًا تلو الآخر. وفجأة، رأى فأرًا صغيرًا يركض بين الأكياس ويختفي داخل المخبز.
قال إسماعيل في نفسه:
“هل كنتُ أتوهم؟! هل هناك فعلاً فأر؟”
بحث هنا وهناك، لكنه لم يجد شيئًا. ثم ابتسم وقال:
“ربما كنت متعبًا فتهيأ لي الأمر!”
ومضت الأيام، وكل يوم يرى إسماعيل ذلك الفأر الصغير، يختبئ تارة، ويظهر فجأة تارة أخرى…
كان الأمر غريبًا، وكأن الفأر يلعب معه لعبة “الغميضة” (الاختباء والبحث)!
ذات صلة:
قصة للأطفال: يوم الحلاقة شعر طويل
أم إسماعيل ومحنته
لكن في تلك الأيام، كان قلب إسماعيل مثقلًا بالهموم.
فأمه، تلك المرأة الطيبة التي ربّته وعلّمته، كانت مريضة جدًا، والأطباء قالوا إنها تحتاج إلى عملية جراحية عاجلة، لكن تكاليفها كانت باهظة.
وفي أحد الأيام، جلس إسماعيل على الأرض داخل المخبز، وأخرج من جيبه كيسًا فيه مدخراته. بدأ يعدّ النقود قطعة قطعة، ويدعو الله من أعماق قلبه:
“يا رب، لو كانت هذه النقود تتضاعف، لأتمكن من علاج أمي…”
وفي تلك اللحظة بالضبط… ظهر الفأر الصغير مجددًا!
اقترب من إسماعيل، ثم أخذ ورقة نقدية صغيرة بفمه، وركض هاربًا نحو ركنٍ من أركان المخبز!
صرخ إسماعيل بدهشة:
“أيها الفأر! عد إلى هنا! هذه أموال أمي…!”
ركض خلفه، لكنه لم يفلح في الإمساك به.
اختبأ الفأر خلف أكوامٍ من الأدوات القديمة التي لم تُستخدم منذ سنوات.
بدأ إسماعيل يحرّك الصناديق والخزائن القديمة… وفجأة، وبين أكياس قديمة من الدقيق، وجد كيسًا صغيرًا ثقيلاً مملوءًا بالذهب!
تجمّدت عيناه من المفاجأة، وهمس:
“ما هذا؟! سبيكة ذهب؟! عملات ذهبية؟!”
جلس أمام الكيس وقال:
“هل هذه معجزة؟! هل أرسل الله هذا الكنز لمساعدتي؟”
ثم قال لنفسه بعد تفكير:
“سآخذ فقط ما يكفي لعلاج أمي، وعندما تتحسن، سأُعيد ما أخذته إلى الكيس، بإذن الله.”
يوم العملية… والمفاجأة!
وفي يوم العملية، باع إسماعيل بعض القطع الذهبية، وذهب إلى المستشفى وهو يُمسك المبلغ بين يديه.
لكن عندما وصل إلى مكتب الحسابات، قالت له الممرضة:
“الحساب مدفوع يا سيدي.”
أجابها بدهشة:
“لكنني لم أدفع بعد!”
ابتسمت الممرضة وقالت:
“شخصٌ كريم، فاعل خير، جاء وسدد كل شيء، وقال إنك شاب طيب وتستحق المساعدة.”
لم يتمالك إسماعيل دموعه من الفرح، وسجد شكرًا لله في ممر المستشفى، وهو يقول:
“يا رب، أنت لا تنسى عبدك أبدًا!”
عاد إلى محل الذهب، واسترجع القطع التي باعها، ثم عاد إلى المخبز، وأعاد كل شيء إلى الكيس كما كان.
وهمس في قلبه:
“يا رب، لن أطلب أكثر مما أستحق. يكفيني أنك معي، وتعلم حاجتي وتستجيب دعائي.”
ومنذ ذلك اليوم، أصبح إسماعيل أكثر قربًا من الله، وأكثر صدقًا وأمانة في عمله.
وكان كلما رأى الفأر الصغير، ابتسم بحبّ، وقال:
“يا صديقي الصغير… كنت رسولًا للخير، دون أن تدري!”
تابعنا على Facebook
قم بكتابة اول تعليق