لماذا “اللبناني دايما معصّب”؟

شارك المقال

لبنان… وطن الغضب المزمن

من توترهم تعرفهم، من قيادتهم تعرفهم، من عصبيتهم التي تطفو على تفاصيل يومهم تعرفهم…
إنهم اللبنانيون، وأنا واحدٌ منهم.

نقود بسرعة، نغضب ممن يعترض طريقنا، نثور على أتفه التفاصيل.
لم نولد هكذا، لكنّنا صرنا كذلك. فما السبب؟ وكيف تحوّل وطن الأرز إلى مصنعٍ للقلق المزمن والانفجار المتنقّل؟


في بلد كل شيء فيه معطّل… كيف اللبناني لا يغضب؟

في لبنان، السياسة تكتب فصول اقتصادنا، والاقتصاد يسحب معه الأمن، والتعليم، والبيئة، وحتى الحد الأدنى من الاستقرار الاجتماعي.
كلّها خيوط في شبكة واحدة، ما إن تمزق منها خيط حتى تساقطت سائر العقد.
فماذا لو كنت تعيش في وطن بات رمزًا للتجاذبات والانهيارات والانفجارات؟
بلد تهدّده الفوضى الأمنية، ويتقلب على حافة الانهيار الاجتماعي، ويختنق بأزمات بيئية تحوّلت إلى روائح قمامة تجتاح المدن وتلوّث الهواء والذاكرة.


من رائحة الحرب… إلى رائحة الفساد

في 13 نيسان 1975، اندلعت شرارة الحرب الأهلية.
ومنذ ذلك اليوم، خسر اللبناني الطمأنينة… إلى الأبد.
رفع بندقيته فقتل بها أخاه، ثم عاش لعقود يدفن أشلاء أحبّائه. تنقل بين الملاجئ كأنها منفى مؤقت، يبحث عن شعاع دفء في زوايا الظلام.

انتهت الحرب، نعم، لكن رعبها لم ينتهِ.
ما زالت تمشي بيننا بوجوهٍ أخرى: اغتيالات، عبوات، شظايا طائفية، واستعراضات سلاحٍ لا تخضع لأي قانون.
السلام السياسي لم ينسحب على نفوس الناس. الحرب بقيت هناك… في دواخلنا.

اقرأ أيضًا:

لماذا البيض غذاء مثالي للصحة؟

ما هي أضرار ومخاطر تناول الأطعمة المتبقية في الثلاجة؟

دليل شامل لاستخدام ChatGPT لكتابة المقالات بطريقة احترافية

مقارنة Canva و Photoshop: أي أداة تصميم أنسب لك؟

تابعنا على Facebook


اللبناني مواطن منهك في بلد يستنزفه

اللبناني، حتى أبسط حقوقه تحوّلت إلى مصادر قهر:

  • الاستثمارات تهرب من شبح السياسة المهترئة.
  • الكهرباء تأتي وتذهب بلا منطق.
  • زحمة السير تخنق الأرواح، ونمضي أعمارنا داخل السيارات، نصرخ، نزمجر، ونشتم.
  • سعر الشقة بات معجزة، والتعليم حلم باهظ لا يقدر عليه سوى المحظوظين.

كلّ هذه الضغوطات تُراكم التوتر، تسرق من أعصابنا ما تبقّى، وتتركنا نتعامل مع بعضنا كما لو كنا خصومًا لا مواطنين في الوطن نفسه.

اللبناني


الغضب… لغة يومية في الشارع اللبناني

في الشارع اللبناني، لا أحد يحتمل أحدًا.
الجميع مستعجل. الجميع متوتر. الجميع يظن نفسه الأول، والأحق، والأهم.

تؤخرهم ثوانٍ… فيفقدون صوابهم.
يبتهجون بأبواق السيارات بدل الموسيقى.
يلعنون الإشارات الضوئية، ويختارون طرقًا أطول فقط هربًا من انتظار الضوء الأخضر.

في لبنان، الوقت لا يُحسب بالدقائق بل بالانفجارات العصبية.


وطن يربّي الانفجار بدل الهدوء

لسنا شعبًا متوحشًا بالفطرة، ولسنا عشّاق زعيق بالفطرة، ولسنا هواة زحمة ولا عدوانية.
لكن حين يعيش الإنسان في بلدٍ يأكل يوميًا من أعصابه، من كرامته، من حقوقه، ومن روحه،
يتحوّل، رغمًا عنه، إلى نسخة عصبية من نفسه الهادئة سابقًا.


وأخيرًا…

لبنان لا يحتاج فقط إلى كهرباء ومياه وموازنات…
بل إلى إعادة بناء الإنسان اللبناني من الداخل.
إلى لمسة طمأنينة تعيد إليه شعور المواطن لا ضحية الوطن.

في النهاية، نحن لا نغضب لأننا نحب الصراخ، بل لأننا لا نجد بديلًا آخر للنجاة من الاحتراق الداخلي.


 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top