الخجل يعتبر من أحد المعوقات التي تمنع تطور شخصية الطفل وتؤثر عليه وهو يكون ناتج بعض الاضطرابات السلوكية أو الأمور التي مر بها الطفل منذ الصغر. وهو أمر ينمو ويزيد مع الطفل وربما يكون سبب في عدم اندماجه مع المجتمع أو فشله في حياته المهنية أو الأسرية أو العاطفية أو حتى العادية في التعامل مع الناس لذا يجب التعامل معه بطريقة سليمة وصحيحة واستشارات متخصصين، كما تجدر الإشارة إلى أن الخجل يعتبر وحسب الاحصاءات الحديثة في تزايد مستمر.. لذا سنتحدث في مقالنا هذا عن الخجل وأسبابه وطرق علاجه وسنقوم بتطبيق على أحد الحالات التي تم دراستها.
بعض الأبحاث الخاصة بالخجل
سنبدأ مقالتنا بأحد الأبحاث التي تمت حول بعض الحالات التي كانت تعاني من الخجل وتعتبر تلك دراسة عن الجوانب المتعددة لتلك الشخصية حتى نستطيع أن نفهم الصورة أكثر و نوضحها عن الخجل.
حالة الشاب ج.م
في أحد العيادات بفلسطين في منطقة رام الله جاء الأب إلى أحد مراكز التأهيل والإرشاد النفسي في اليوم العشرين من الشهر السابع للعام 2015 ميلادياً حيث حضر الأب والأم مع ابنهم. بدأت الشكوى منذ فترة كبيرة حيث إن الابن ج. م يعاني من الخجل الزائد عن الحد وتطور الأمر إلى أنه رفض إكمال دراسته وانتهى في تعليمه إلى الصف الثاني الثانوي.
الابن ج.م هو من مواليد الثاني عشر من شهر ديسمبر للعام ألف وتسعمائة وثلاثة وتسعين في مدينة رام الله ويعيش مع والديه في منزلهم المتوسط. الابن من معتنقي الديانة الإسلامية وبدأ الخجل معه منذ الولادة لكن الأمر زاد عن حده معه وتطور إلى أن أصبح يتجنب الكلام مع الأهل والأقارب وأصبح بلا أصدقاء أو علاقات في المدرسة كما أنه أصبح في الآونة الأخير حاد المزاج ومتقلب الأهواء وعصبي وكثير الشجار والصراع.
التقرير الأولي
مع بداية البحث عن الحالة كانت التقرير المبدئي من الطبيب حول وصف الحالة أنه شاب يهتم بنظافة جسمه ونظافته الشخصية، ولكنه لم يكن يدرك السبب الذي جعل والداه يخرجانه من المدرسة، كما أن الشاب ج. م يميل إلى العزلة والقلق والتوتر الزائد عن الحد كما أنه ليس له أي صداقات ويميل إلى العصبية الزائدة عن الحد.
كما أشار البحث الميداني أن الشاب موضوع البحث يعيش في بيت أهله وهو بيت متوسط الحال والبيت يتكون من ستة أولاد والأب والأم. والأب هو رب المنزل وهو من يقوم بالعمل والإنفاق على المنزل.
يعتبر الشاب موضوع الدراسة يميل إلى العصبية على أتفه الأسباب كما أنه منفعل ولا يستطيع تكوين أي صداقات، ولكنه يحظى بدعم الأسرة بكامل أفرادها فهم يقفون بجانبه ولا يتخلون عنه.
التشخيص
أفاد التقرير أن الشاب يعاني من الخجل الزائد والعصبية الزائد وعدم قدرته على تكوين صداقات خارج العائلة لذا يتم وضع خطة علاجية ترتكز على عدة محاور وهي، إنهاء الأسباب التي تكون سبب في بعد الشاب عن المحيطين به، والعمل على تحسين الصحة النفسية للشاب وإعطائه ثقة في نفسه ودفعة للأمام عن طريق تكرار بعض العبارات التي تمنح الثقة في النفس مثل أنا قوي، أنا أستطيع أن أفعل ما أريد. كما تهدف الخطة العلاجية على جعل الشاب يستطيع تكوين الصداقات خارج نطاق العائلة والاعتماد على نفسه وتقبل النقد من الآخرين بكافة أنواعه وكيفية الرد والتعامل معه.
جلسات العلاج
تم علاج الحالة في خلال ست جلسات ارتكزت كل جلسة فيهم على عدة محاور وهي كالتالي، الجلسة الأولى كانت بمثابة جلسة التعارف التي تم فيها التعرف على الشاب وأهله وكل ما يشغل باله والمشاكل التي يتعرض لها، وكانت مدة تلك الجلسة ما يقارب العشرين دقيقة.
بدأت الجلسة الثانية بتوطيد العلاقة بين الشاب والمعالج النفسي له وتبادل أطراف الحديث وتعريف الشاب بمشكلته وجعله يفهم ما هي، وأسبابها، وأبعادها وأنه ليس الوحيد الذي يعاني من هذا الأمر بل هناك الكثيرين مثله وأن الأمر بسيط ويمكن تخطيه وكانت تلك الجلسة مدتها نصف ساعة.
بدأت الجلسة الثالثة في إتاحة مساحة كبيرة للشاب في أن يطلق العنان لخياله أنه يتحدث أمام الناس ويحكي ما يدور في نفسه بدون خوف أو قلق. ثم كانت الجلسة الرابعة والتي كانت بمثابة جس النبض وجعل المريض يتعرض لبعض المواقف المحرجة وجعله يكسب الثقة في نفسه وفي قدرته على الرد.
الجلسة الخامسة كانت محاولة لجعل الشاب يتعرض لمواقف أكثر خجلا لتعليمه كيفية التعامل معها ومتابعة نمط سلوكه ثم الطلب منه بدعوة أصدقائه وجعله يتعرف عليهم وتعليمه الطريقة المناسبة لذلك، ثم كانت الجلسة السادسة والأخيرة وهي كانت مناقشة ما تم إنجازه والتطور الذي وصل إليه الشاب.