كيف تتحدث عن الأطفال عن المرض
إن فرض العزل المنزلي في فترة اجتياح فيروس كورونا للعالم تفرض علينا أن نتحدث مع الأطفال عن المرض، حيث أن نظام الفرض أدى بالتأكيد إلى تغيير كل الأنماط الخاصة بحياتهم، فلم يعد هناك مدرسة أو تمارين رياضية أو أي نوع من الأنشطة التي اعتادوا أن يقوموا بممارستها، لذلك فإن الحديث عن هذا الوباء من الأمور التي يجب أن تنكشف للأطفال حتى يستطيعوا أن يتفهموا الوضع جيدا ولا يشكلون عبئا إضافيا على الأسرة فوق الأعباء الأخرى التي فرضها الخوف من وباء كورونا ومن سياسة التباعد والعزل الاجتماعي التي فرضها هذا الوضع.
وفي نفس السياق فإن العديد من خبراء علم النفس قاموا بتوضيح بعض الأمور المهمة التي على كل من الآباء والأمهات أن يتعرفوا عليها في التعامل مع الأطفال في هذه الفترة، وأكدوا أن الأطفال في حاجة دائمة للحديث حول الأوضاع وإن على الوالدين أن يقوموا بالتواصل معهم بشكل واضح وهادئ في نفس الوقت والعمل على محاولة توصيل مجريات الأمور لهم بطريقة تناسل طفولتهم.
هل يحتاج الأطفال إلى الحديث عن فيروس كورونا؟
هنا نأتي إلى واحدة من النقاط المهمة للغاية، وهي هل من المفترض أن يعرف الأطفال ما يجري؟ والإجابة على هذا السؤال حددها الكثير من علماء النفس والخبراء، حيث أنهم وضحوا أن الأطفال في كل الأحوال يعتبرون الأشخاص البالغين هو وسيلتهم الأساسية للتعرف على العالم من حولهم، لذلك لو امتنع البالغون عن محاولة إيصال خبراتهم ومعارفهم لهم فهذا سوف يؤدي إلى فشل الأطفال في التواصل معهم وإلى عدم الثقة في المعلومات التي يتلقونها منهم.
لذا ولكي يستطيع الأطفال أن يتواصلوا مع العالم من حولهم بشكل صحيح فلابد من أن يقوم الكبار بعمل جسر للتواصل معهم بشتى الطرق حتى يستطيع الأطفال أن يقيموا الموقف بشكل مناسب مع طفولتهم ولكنه حقيقي وقادر على التفاعل مع الأحداث، وهنا لابد من أن نوضح نقطة مهمة للغاية وهي أن التعامل مع تجربة مثل تجربة وباء كورونا يعتبر أمرا جديدا للغاية على الأطفال، بل على الكبار أيضا، لذلك فإن الأطفال ليس لديهم رصيد اجتماعي للتعامل مع مثل هذه الأزمات، لذا فإن وجود كل من الأب والأم والبالغين بشكل عام في موقف مثل هذا سوف يعتبر الطريقة الأساسية التي يستطيع الأطفال من خلالها التواصل مع العالم الخارجي ومعرفة أهم المجريات التي تحدث به.
ما هي أهم الطرق التي من ينبغي أن نتعامل بها مع الأطفال في فترة انتشار وباء كورونا؟
علينا هنا أن ننتبه إلى نقطة في غاية الأهمية، وهي أننا قد نظن أن الأطفال لن يكونوا منضبطين في هذه الفترة وأنهم لن يستطيعون أن يتعاملوا معها بشكل جاد أو هادئ، ولكن العكس صحيح وذلك لأن الأطفال سوف يكونوا قادرين على التعامل بانضباط مع الموقف في حالة ما إذا تم مصارحتهم بكل الأمور المتعلقة بانتشار الوباء وتحميلهم العديد من الواجبات والمسئوليات للتعامل مع هذا الموقف.. وهناك الكثير من الطرق التي سوف تساعد على تحقيق ذلك وسوف نذكر منها التالي:
تعريف الأطفال على حقيقة الأمور بطريقة مناسبة لأعمارهم
في البداية من المهم أن يعرف الأب والأم وكل البالغين الكثير من المعلومات الصحيحة عن طبيعة المرض حتى يكونوا جاهزين للإجابة على أي من الأسئلة التي سوف يوجهها الأطفال لهم، ومن أهم المعلومات التي يجب على الأطفال أن يعرفونها هي أن الفيروس لا يشكل أمرا خطيرا في حالة إصابة الأطفال به، حيث أن خطورته أكبر على البالغين، وذلك لأن معرفة الأطفال بهذا الأمر سوف تساعد من تخفيف حدة الهلع أو الخوف التي من الممكن أن يصابوا بها في هذا الوقت، وحتى الآن من المعروف أن العلماء لم يجدوا التفسير السليم لعدم إصابة الأطفال بشكل كبير بالمرض ولكن من المهم أن يعرف الأطفال أنهم أقل عرضة للإصابة من البالغين.
لذا فإن من أهم الأمور التي سوف يكون على الوالدين الحديث فيها مع الأطفال هي فكرة الالتزام بالعزل الصحي، حيث أن الأطفال من الممكن أن يتفهموا فكرة بقائهم في المنزل من أجل حماية الآخرين، حيث أنهم سوف يساعدون بذلك على تقليل احتمالية انتقال الفيروس من خلالهم كما أنهم سوف يكونوا عامل رئيسي في إتاحة الفرصة للآخرين لتلقي العلاج بشكل جيد.
التخفيف من عبء القلق الناتج عن عدم الذهاب إلى المدرسة
هذه الفترة ربما تكون من أصعب الفترات التي يعيشها الأطفال وذلك توقف المدرسة وكل الأنشطة التابعة لها بالإضافة إلى توقف الأنشطة الرياضية سوف يؤدي بشكل كبير إلى إصابة الأطفال بحالة من الملل والإحباط خاصة بعد تغيير نمط الحياة الذي اعتادوا عليه بشكل كبير، لذا فإن على كل من الوالدين التدخل في هذه المسألة بشكل حكيم من أجل تخفيف الوضع على الأطفال، لذا من الممكن أن يحاول الآباء الاحتفاظ ببعض الروتين الذي كان يقوم به الأطفال في فترة المدرسة، مثل الاستيقاظ مبكرا، الالتزام ببعض الأمور المدرسية، تناول الوجبات في ميعاد محدد..هذا الأمر مهم للغاية لأنه سوف يساعد كل من الوالدين ومن الأطفال على الالتزام بشكل أفضل ببعض الأمور التي اعتادوا عليها.
وهنا يشير الكثير من الخبراء إلى نقطة من الضروري أن نطرحها في سياقنا هذا، وهي أن الأطفال والكبار أيضا يحبون الحياة الاجتماعية وقد اعتادوا عليها بشكل كبير، والأطفال بطبيعتهم كائنات تحب تكوين الصداقات وتكتسب الكثير من المشاعر المتعلقة بالاطمئنان والأمان مع أصدقائهم، لذا فإن ابتعاد الأطفال في هذه الفترة من الممكن أن يؤدي إلى تعرضهم إلى الكثير من المشاعر السلبية، وواجب كل من الأب والأم في هذه الحالة أن يتحدثوا بشكل مفتوح مع أبنائهم في هذا الأمر، ويحاولون أن يتعرفوا على الكثير من مشاعرهم المتعلقة بفقد أصدقائهم وعدم استطاعتهم التواصل معهم بالشكل المعتاد، ومن الممكن أن يساعد كل من الأب والأم أطفالهم على القيام ببعض الأمور التي تساعد على التواصل مثل القيام بالاتصال عبر مكالمات الفيديو أو مشاركة بعض الألعاب الإلكترونية.. بالإضافة إلى محاولة جعل الأطفال يتفهمون أن هذا الأمر سوف ينتهي في يوم ما.
من الممكن أن يعتمد الآباء أيضا على فكرة منح الأطفال الأمل فهي سوف تجدي نفعا بشكل كبير، فمن الممكن أن يقولوا لهم أنه وبالرغم مما يحدث وبالرغم من أنهم يعرفون أن الأطفال لا يحبونه كثيرا لكن هذا لا ينفي من حقيقة أن هذا الوضع سوف يتغير لا محالة، وأن الأنشطة المدرسية والتمارين الرياضية ومقابلة الأصدقاء سوف تعود في يوم ما بعد أن ينتهي هذا الأمر الخطير الذي تعيشه البشرية كلها.
من الأمور المهمة أيضا والتي ينصح بها الخبراء النفسيون لكل من الكبار والصغار هي أهمية الابتعاد عن أخبار انتشار الوباء، وعدم الانغماس فيها على مدار اليوم، وخاصة بالنسبة للأطفال وذلك لأن التواصل على الشبكات الاجتماعية بكل الأمور المتعلقة بأخبار انتشار الوباء من شأنه التأثير على حالتهم النفسية بشكل كبير بطريقة سلبية، لذا من المهم أن يضع الآباء نظاما دقيقا لاستخدام كل مواقع التواصل الاجتماعي أو التعرض إلى المحتوى الإخباري.
الحد من حالة القلق لدى الأطفال
إن القلق سوف يعتبر من الأمور الطبيعية التي سوف يتعرض لها كل الأطفال في هذه الفترة، لكن هناك الكثير من الأمور التي سوف تساعد على تقليل حالة التوتر التي من الممكن أن يتعرضون لها، لذا من الممكن التوجه إلى الطفل بأنه من الممكن أن يعبر عن مشاعره المفعمة بالقلق أو الحيرة أو التوتر إلى أي من الكبار لأنهم في هذه الظروف سوف يستطيعون أن يساعدوهم بشكل كبير.
كذلك من الممكن أن نقوم بإبعاد حالة القلق عن الأطفال من خلال تعريفهم على طبيعة هذا الفيروس وأنه بعيد بدرجة كبيرة عن إصابة الأطفال أو التأثير عليهم بشكل سلبي. ومن الممكن أن نعرض الأطفال لأي من المعلومات التي لها علاقة بهذا السياق.
أيضا من المهم أن يتفهم كل من الآباء والأمهات أن الأطفال في هذا الوضع سوف تختلف طرق التعبير عن قلقهم وتوترهم لذا سوف يلاحظ الآباء والأمهات في هذه الفترة زيادة في حركة الأطفال وربما في انفعالاتهم سوف تكون زائدة عن الحد الطبيعي، وكل هذا سوف يكون داخل إطار التعبير عن حالة القلق التي يعيشها الجميع.
يجب أن يعرف الأطفال أن الكبار يحاولون الحفاظ على صحتهم وسلامتهم
من المهم أن يعرف الأطفال أن هذه الفترة ليست فترة مخصصة للعقاب، ولكنها فترة نقوم بها بأخذ كل الاحتياطات التي تجعلنا جميعا سالمين، لذا فإن من المهم أن يتفهم الأطفال جيدا أن كل الإجراءات الغريبة التي تحدث من حولهم هدفها الأساسي توفير الحماية لهم وإبعادهم عن خطر الإصابة بالفيروس وهم وذويهم، ومن المهم أن نشجع الأطفال على التفاعل الإيجابي مع الأحداث مثل أن نقول لهم أن عزلتهم سوف تساعد الكثير من الأشخاص الذين يحاولون إيجاد حل لهذه المشكلة الكبيرة على إيجاده بشكل سريع وهذا سوف يجعل الحياة التي اعتادوا عليها تعود لهم بأقصى سرعة ممكنة.