فوبيا كورونا
بسبب انتشار فيروس كورونا أو كوفيد 19 أدى ذلك إلى انتشار القلق والتوتر والخوف بسبب انتشار الوباء وزيادة عدد الوفيات في جميع دول العالم، هذا الخوف المسيطر والتوتر والقلق ادى في النهاية إلى انتشار ما يعرف بالفوبيا أو فوبيا كورونا، وهي حالة الخوف المسيطرة على الناس بسبب انتشار الوباء وانتشار رائحة الموت القريبة في كل مكان، وهذا طبيعي في زمن الوباء، ولكن دورنا رصد جميع النقاط الاجتماعية والاقتصادية والصحية وغيرها من الجوانب حول فوبيا كورونا، كما سنتعرف على العديد من المعلومات حول تلك الفوبيا وما يمكن حدوثه في المستقبل القريب في محاولات السيطرة عليها بشكل جدي، فهيا بنا نحو العرض الشامل حول فوبيا الكورونا فيروس.
أسباب الخوف من فوبيا الكورونا
بسبب انتشار فيروس كورونا المستجد بشكل سريع في العالم كله، أدى هذا إلى رد فعل عنيف للغاية، بسبب الإجراءات الاحترازية الدولية في هذا الصدد، حيث قامت العديد من بلدان العالم إلى زيادة الإجراءات التي تحمي فيها مواطنيها خاصة بسبب فرض الحذر وغلق المطاعم والمطارات وكافة الخدمات وغيرها من الأمور الضرورية، وهذا أدى إلى زيادة الخوف والقلق ليس فقط بسبب انتشار الفيروس والموت التابع لهذه الإصابة، ولكن أيضاً بسبب الدواعي الاقتصادية والاجتماعية والسياسية المترتبة على انتشار فيروس كورونا في العديد من بلدان العالم.
لذلك يمكن رصد أسباب الخوف متمثلة في النقاط التالية:
زيادة الإجراءات الاحترازية من معظم دول العالم في وقت متقارب
الإجراءات الاحترازية الغير مسبوقة في التاريخ كانت ولا تزال من أهم الأسباب التي أخافت الناس من عدوى كورونا، فهذه الإجراءات الاحترازية حدثت في وقت متقارب، وهذا لم يحدث في التاريخ البشري حتى حدوث انتشار العدوى في العام 2020م.
فعلى سبيل المثال حدث العديد من الإجراءات التي أثرت على النواحي الاجتماعية والاقتصادية حيث تم حظر السفر من الدول وبعضها البعض، فعلى سبيل المثال لا حصر، فإن الولايات المتحدة الأمريكية حضرت الطيران في الداخل والخارج عند بدايات الأزمة وانتشار عدوى الفيروس في داخل الأراضي الأمريكية، كذلك قامت بحظر الطيران من وإلى الولايات المتحدة خاصة للعديد من البلدان الأوروبية التي انتشر فيها الفيروس.
هذا إلى جانب دول مثل الهند والكويت منعت السفر لبلدان محددة وعمل إجراءات مشددة في المطارات المختلفة في البلدين وخضوع المسافرين للحجر لمدة اسبوعين حتى يتعين على الأجانب أو المواطنين دخول البلاد.
هذا إلى جانب الدول التي قامت بحظر الداخل، وغلق العديد من المرافق وتقليل عدد الموظفين في المؤسسات الحكومية، إلى جانب تعليق الدراسة في المدارس والجامعات، ومنع حظر للتجوال في العديد من دول العالم، وهو ما أدى إلى انتشار حالة من الخوف والقلق والهلع الذي انتشر بين الناس بشكل مفاجيء وقوي وهو ما زاد من الخوف والقلق من فوبيا كورونا فيروس والخوف من هذا الوباء المنتشر.
حالة الذعر المجتمعي من انتشار عدوى فيروس كورونا
هذا هو السبب الثاني والذي لعلك عزيزي القاريء شعرت به في بدايات أزمة انتشار كورونا فيروس وهو ما أدى إلى زيادة نسبة الخوف والقلق من العدوى الفيروسية، حيث كان يتبادر للذهن أن فيروس كورونا منتشراً بسرعة رهيبة وهو ما أثر على معنويات الناس بسبب الدواعي غير المسبوقة في كل مكان، ومن هذه الدواعي إجبار السلطات في جميع أنحاء العالم مواطنيها على ارتداء الكمامات الواقية هذا إلى جانب التعقيم الإجباري للمؤسسات المختلفة، والقبض على كل مشتبه فيه بالمرض وحجزه في المستشفيات بالإجبار وهذا حدث في البلدان التي شهدت فوضى في بدايات هذه الأزمة.
بل وصل الأمر بين المواطنين إلى الخوف من المصافحة او الأحضان بما يعرف بالتباعد الاجتماعي والذي كان جديداً على الناس في البداية، وهو ما جعل الناس يخافون من أقل عدوى ومن الإجراءات التي تجعلهم دوماً مرتبكين وقلقين على حياتهم.
وقد شهدت العديد من بلدان العالم موجة من التنمر والعنصرية من الأشخاص الذين يحملون الجنسية الصينية في بداية انتشار فيروس كورونا في العالم، نظراً أن الصين هي موطن ونشأة الفيروس، وهي البؤرة الرئيسية التي أدت إلى انتشار الفيروس في جميع أنحاء العالم، لذلك كان كل صيني يشعر في أي بلد من بلدان العالم أنه متهماً بنشر الفيروس بين الناس، حتى لو كان غير مصاباً بالمرض، أو حتى كان يعيش في البلد الأجنبي لسنوات طويلة دون أن يزور أهله، فبمجرد أنه صيني فهو حامل للعدوى وهو ما زاد من المضايقات والعنف والذعر بيت الناس حتى هدأت الأمور مع انتشار العدوى بشكل كبير في جميع أنحاء العالم ومن جميع الجنسيات، وهو سبب من أسباب انتشار فوبيا كورونا بين الناس.
الأخبار المغلوطة سبب في انتشار فوبيا كورونا
في زمن الوباء تنتشر الأخبار المغلوطة عن انتشار وباء كورونا وما يفعله، وعدد الوفيات، وهذه الأخبار اتضح أنها من الأخبار والشائعات التي نفتها منظمة الصحة العالمية والمنظمات الصحية المحلية والإقليمية في جميع دول العالم، وهذا يعني أننا في ذروة الوباء بالفعل ولكن ليس بالأمر المتصوّر عند البعض وهو ما ساعد على الخوف من فيروس كورونا، فمن الأخبار المغلوطة التي أخافت الناس أن كورونا فيروس قاتل بنسبة 100% وهذا في بداية ظهور فيروس كورونا.
والحقيقة هنا أنه فيروس ضعيف للغاية، لا يقتل جميع الحالات، ونسبة الوفيات حتى يومنا هذا ليست بالشيء المخيف في جميع أنحاء العالم، وهو ما يعني أننا يمكن أن نواجه فيروس كورونا من خلال العديد من الإجراءات الاحتياطية وتعزيز المناعة، بل إن كلمة وباء قد يكون لها وقع ثقيل مع فيروس كورونا، إنه أحد الفيروسات التي يمكن القضاء عليها بسهولة، وقد لا يحتاج المريض الدخول إلى المستشفى، بل قد تكون مناعته هي خط الدفاع الأول له.
ومن الأخبار المغلوطة والتي أصابت الذعر للناس هي أن الفيروس ينتقل من خلال اللمس والهواء، وهذا غير صحيح أبداً، فإن فيروس كورونا معدي خقاً ولكن عند الاختلاط مع المريض، وقد تكون الكمامات الوقائية لها جانب هام من خلال التخلص من العدوى والحماية منها، لذلك فإن الهواء لا ينقل عدوى فيروس كورونا ولكنه ينتقل من خلال الاختلاط والتعرض للرذاذ الناتج عن السعال والعطس، لذلك لا يجب عليك الاختلاط مع الناس في الأماكن المزدحمة، وبالتالي تحمي نفسك مع جميع ما يمكن يسبب العدوى.
وفي بداية الأزمة كان على الشخص يعي ما هي المشاكل التي يجب الأخذ في الاعتبار عندما تواجهه في زمن الوباء، ومنها الإجراءات الصحية الشخصية، وبالتالي فإن هذه الإجراءات لم تكن مفهومة في العديد من بلدان العالم مما أخاف المواطنين في هذه البلدان حتى تم فهم هذه الإجراءات مثل النظافة وسيل اليدين و التعقيم والتنظيف والمحافظة على المناعة وتعزيزها في مواجهة الفيروس.
زيادة الآثار النفسية طويلة الأمد في زمن وباء كورونا
ما زاد من فوبيا كورونا ما يمكن القول عنه زيادة نسبة الآثار النفسية طويلة الأمد خلال زمن كورونا، وهذه الآثار النفسية حاول العلماء في هذا المجال معرفتها والقيام في النهاية بتفسير الوضع من خلال العديد من الجوانب حول زيادة الآثار النفسية وما هي الأسباب التي أدت إلى هذا الوضع.
ولعل النقاط التالية نتعرف من خلالها ما هي التفسيرات العلمية لعلماء النفس حول ما أدى إلى فوبيا كورونا وتبعتها الخطيرة:
- الضغوط النفسية زادت بنسبة كبيرة منذ انتشار فيروس كورونا: هناك العديد من التقارير التي أعدها علماء النفس تقول أن زيادة الضغوط النفسية زادت بمستويات قياسية في بداية أزمة كورونا وظهورها في الأفق في العالم كله، فقد وصل الأمر لبعض المواطنين في جميع أنحاء العالم التفكير في الانتحار حتى لا يتعرضون للضغوط النفسية وفوبيا كورونا التي كانت ومازالت تتمثل في الأخبار المنتشرة حولها، بل أن أعراض الوسواس القهري زادت في الحالات بنسبة كبيرة للغاية، وأصبح الخوف على الحياة الطبيعية هو الأهم من أي شيء آخر.
- التأثير على الصحة النفسية تتأثر على المدى البعيد: تقارير طبية أخرى أكدت أن هناك نسبة تقترب من ربع سكان العالم قد تعاني من آثار نفسية بعيدة المدى تشبه ما حدث في الحروب العالمية الأولى والثانية، فالعديد من بلدان العالم يعاني مواطنيها من الكبت النفسي بسبب الحظر وبسبب ما حدث في زمن وباء كورونا، وتتأثر الفئات المختلفة من العديد من الآثار النفسية والبدنية أيضاً.
- زيادة معدلات الانتحار: إذا تحدثنا في النقطة الأولى عن الضغوط النفسي والخوف عن الحياة الطبيعية، فإن تقارير طبية أخرى تؤكد على زيادة معدلات الانتحار بنسبة 30 % بين كبار السن الذين تتجاوز أعمارهم الخامسة والستين من العمر.
- زيادة نسبة المشكلات النفسية مثل التوتر والقلق وزيادة نسبة اضطرابات النوم والأرق، والتي زادت بمستويات غير مسبوقة بسبب انتشار الأخبار والهلع الذي زاد من فوبيا كورونا، هذا إلى جانب الجوانب السابقة التي تحدثنا عنها. فهناك العديد من الأمراض النفسية بدأت في الانتشار مثل مرض الوسواس القهري، كما يقول أحد تقارير مجلس العلاج النفسي بالمملكة المتحدة: “إن اضطراب القلق العام يعد واحدا من المشاكل النفسية التي قد تنتشر في الأيام المقبلة. إذ يعاني الكثيرون في مجتمعاتنا المعاصرة من القلق بالفعل، لكن وباء كورونا القاتل، قد يفاقم القلق والمخاوف لدى الأشخاص الذين يميلون للشعور بالقلق. وحتى بعد انحسار الوباء، سيشعر البعض بقلق مفرط خوفا من ظهور سلالة أخرى من الفيروس”.
ويضيف التقرير السابق إلى العوامل الوراثية التي تزيد زيادة نسبة الإصابة بالوسواس القهري بعد جائحة كورونا: “إن الأشخاص الذين لديهم استعداد وراثي للإصابة بأنواع من اضطراب الوسواس القهري (مثل وسواس التلوث والهوس بالتنظيف)، من المرجح أن يصابوا بالاضطراب أو تتفاقم أعراضه بسبب الضغوط النفسية من الجائحة. وقد يصاب بعض هؤلاء برهاب الجراثيم المزمن ما لم يتلقوا علاجا نفسيا ملائما”.
زيادة نسبة الضوائق المالية تسببت في فوبيا كورونا
هنا نصل إلى نقطة جوهرية في أزمة فوبيا كورونا، وذلك بسبب الضوائق المالية التي حدثت ومازالت موجودة في معظم دول العالم التي حاولت تعويض المرافق المغلقة ودعم الخسائر التي حدثت بسبب الشلل الاقتصادي الذي حدث في العالم، وبالتالي هذا كان له تأثير كبير على الناس وعلى المواطنين، فإننا ليس بصدد رصد الاقتصاد العالمي في العام 2020م في ظل أزمة كورونا بقدر ما أدت الضائقة المالية والكرب المالي الذي حدث للناس والمواطنين في زيادة انتشار فوبيا كورونا، حيث أكدت الدراسات العديدة أن فوبيا كورونا تسببت في ضائقة مالية طاحنة لمعظم المواطنين في العالم، وهذا ما أكدته تقارير مركز دراسات أمريكي عندما أكدت التقارير بهذا النص المعبر: “إن الآثار السلبية للكوارث على الصحة النفسية تطال عددا أكبر من الناس وتدوم لفترات أطول بمراحل من أثارها على الصحة البدنية. ولهذا من المتوقع أن نشهد زيادة في احتياجات الرعاية النفسية التي قد تستمر لفترة طويلة بعد انحسار الوباء”.
وهذا يعني أن هذه الضائقة ظلت في الشهور السابقة تضغط على أعصاب الناس في جانب مهم من جوانب حياتهم وهو المال والذي يعتبر عصب حياتهم وجوانب حياتهم، وبالتالي كان ذلك سبباً في انتشار فوبيا كورونا ونتيجة ظاهرة لها بشكل سريع على الناس أنفسهم.
كما تسبب الضائقة المالية بسبب انتشار جائحة كورونا، زيادة نسبة البطالة في العديد من أنحاء العالم، وهو ما زاد من كارثة فوبيا كورونا في جميع البلدان التي انتشر فيها الفيروس وأثر على الحياة الاقتصادية بشكل مباشر، وقد أكدت دراسات أمريكية على أن استطلاعات الرأي أكدت نصف العاطلين أو أكثر قليلاً يعانون من مشكلات نفسية، وقد زادت معدلات الانتحار بينهم بسبب طبيعة أزمة كورونا التي لا يعرف إلى أي مدى ممكن تضر الاقتصادات العالمية، وقد أدت بالفعل إلى إفلاس العديد من الشركات خاصة في مجال الطيران والسياحة والمجالات المرتبطة بهما، كما أدت هذه القطاعات إلى جر مشكلات اقتصادية في مجالات أخرى مثل السفر والترفيه وغيرها، وبالتالي فقد زادت المشكلات بسبب أن هذه المجالات لا تحسن التعامل مع المجهول ومع المستقبل القريب أو البعيد.
الصدمة النفسية الجماعية أدت إلى عدم التوازن النفسي للبشرية خلال العام 2020م
هناك ما يسميه العلماء خلال انتشار وباء فيروس كورونا بالصدمة النفسية الجماعية للإنسانية، حيث شهد العالم صدمة عالمية لم يشهد العالم مثيلاً لها منذ عقود طويلة، ربما منذ الحرب العالمية الثانية، وبالتالي فهذه الصدمة لم تكن فردية بل كانت على مستوى عالمي وجماعي، بل وفي وقت واحد، وربما شهد العالم إجراءات لا مثيل لها في التاريخ بشكل جماعي.
ولقد ألقت هذه الصدمة الفيروسية العالمية بظلالها على الاقتصادات العالمية، سواء كانت هذه الاقتصادات قوية للغاية مثل الصين والولايات المتحدة ومعظم البلدان الأوروبية أو اقتصادات هشة وضعيفة مثل بلدان العالم الثالث في آسيا وأمريكا اللاتينية وأفريقيا، وبالتالي فالعالم كله أصبح في سلة واحدة.
ويفسرها العديد من العلماء أن هذه الصدمة جماعية أثارت الذعر والخوف في نفوس الجميع سواء الفقير أو الغني او حتى متوسط المعيشة كلهم في خندق الخطر، فغن الفيروس لن يختار، بل العاصفة ستطال الجميع مع الوقت وهو ما نراه في العديد من بلدان العالم، فالفيروس لم يفرق مثلاً بين الرؤساء وكبار رجال الدول في العالم وبين الرجل العادي في الشارع.
وهنا يقول ديفيد سترايكي الطبيب النفسي وممثل مجلس الصدمة النفسية بالمملكة المتحدة بقوله: “عندما تتغير نظرتك لنفسك وللعالم وللآخرين وتنقلب رأسا على عقب بسبب حدث مؤلم، ستتحول الضغوط البسيطة المتلاحقة إلى صدمة نفسية، وخاصة إذا رافق هذه الضغوط شعور مستديم وشديد بالعجز وانعدام الحيلة”..
وفي جانب آخر فإن هذه الصدمة ستستمر طالما وجدت أسبابها في العالم، حيث يتخبط البشر ما بين المجهول وما بين الصدمة النفسية العالمية التي طالت الجميع، بل إن الإنسان يشعر بأنه متخبط ومسلوب الإرادة لبعض الوقت وقد يحتاج المرء لإعادة النظر في الأفكار والمعتقدات وهذا بسبب آثار الصدمة، وفي هذا الصدد يقول ديفيد سترايكي أيضاً: قد يعتمد مدى تقبلك للحدث أو عجزك عن تحمله على حالتك النفسية في هذا اليوم، فمن الصعب تمييز الأحداث الصادمة من غيرها”.
الصدمات الفردية تؤثر في انتشار فوبيا كورونا
هذا هو العنصر الأخير في أسباب انتشار فوبيا كورونا، فإذا قلنا في العنصر والسبب السابق، ان هناك صدمة جماعية حدثت في العالم بسبب نتائج فيروس كورونا التي ألقت بظلالها على العالم في جميع الجوانب السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والصحية، فإن هناك صدمات فردية متكررة يومياً، وهو ما زاد من زيادة انتشار فوبيا كورونا، فما هي الصدمة الفردية؟
الصدمة الفردية تتمثل في العديد من الجوانب:
- طقوس العزاء والمواساة التي لم تعد كما كانت من قبل، وذلك بسبب الإجراءات الاحترازية لعدم انتشار فيروس كورونا بشكل كبير بين المعزين، وهو ما جعل هناك صدمة قد تستمر بشكل عميق في السلوك النفسي الإنسان بعد ذلك.
- الموت نفسه الذي يحدث للإصابات في خلال أيام معدودة، فالآلاف يعانون من ضيق التنفس والأعراض الخطيرة التي قد تكون السبب في الوفاة بهذا الشكل في المستشفيات مع عجز الأجهزة الحديثة على إنقاذ هؤلاء المرضى،بشكل مزري للغاية وهو ما زاد العب على الأطقم الطبية، بل كنا نرى العديد من الاطباء يبكون لأنهم لا يعرفون كيفية حل هذه المشكلة الصحية الجديدة عليهم في بدايات الأزمة، ومع نشر هذه الصور والفيديوهات والأحداث أثار ذلك الذعر في حياة الناس اليومية، وفي هذا الصدد يقول متين باسوجلو أحد مؤسسي كلية دراسات الصدمة النفسية بجامعة كينجز كوليدج في لندن: “إن أصعب شعور يمكن أن تتخيله هو العجز عن التنفس، لأنك لا يمكن أن تفعل شيئا للتخفيف من وطأته. فانقطاع النفس هو أوضح صور العجز”.
- . العاملين في المجال الصحي، سواء كان الأطباء أو العاملين في التمريض يعانون من آثار ما بعد الصدمة، وذلك بسبب عجزهم التام في علاج حالات كورونا، وهذا ما أكدته الدراسات والتقارير على العاملين في المجال الصحي، حيث أكدت الدراسات المتعددة أن حوالي 20 % من العاملين في المجال الصحي يعانون من هذه الآثار، وبالتالي كانت هذه الصدمة مروّجة لفوبيا كورونا، فالإنسان العادي عندما يرى طبيبه عاجزاً عن فعل شيء، بل عصبي بسبب ما يراه من حالات وفية متعددة هذا يوّلد شعوراً لديه أن الأمر صعب للغاية، وهذا ما زاد من فوبيا كورونا في العديد من الجوانب السلبية في الموضوع.
- انتشار الشائعات والقصص الوهمية عن كورونا زادت بنسبة كبيرة في العالم، وهو ما جعل منظمة الصحة العالمية ووزارات الصحة في جميع أنحاء العالم تخصص نفياً يومياً لدحض هذه الشائعات والأخبار غير الصحيحة والتي كانت تنتشر وتخيف الناس بشكل كبير للغاية، فتخيل عزيزي القاريء – ولعلك عشت هذا الأمر- عندما كنت تعاني الحظر العام في بلدك، وفي نفس الوقت تسمع الشائعات والأخبار الغير صحيحة المخيفة عن فيروس كورونا والعدوى وأعداد الوفيات وغيرها من الأخبار والشائعات، فهذا بالتالي يؤثر في نفسيتك بالسلب وهو ما يزيد من انتشار فوبيا كورونا لديك، ويتوّلد الشعور بالخوف والقلق، وبالتالي تحتاج إلى مزيد من الاطمئنان الذي لا تجده في الغالب إلا بعد التعايش مع هذه الجائحة فيما بعد.
ولعلنا في نهاية عرض هذه النقاط التي تؤكد لنا سوء فوبيا كورونا مع الأسباب التي أدت إلى انتشارها، يجب علينا أن نطرح الحلول التي تساعدنا على تجاوز فوبيا كورونا، فما هي تلك الحلول؟ هذا ما نتعرف عليه في النقطة الختامية من هذا العرض الشامل عن فوبيا كورونا.
حلول هامة للتخلص من قلق جائحة كورونا والتخفيف من الفوبيا المسيطرة على العالم
هناك العديد من الاقتراحات والحلول التي وضعها العلماء ونصحوا بها الأفراد والمجتمعات، ولكن من المهم التركيز على الأفراد حتى نعي كيفية الحماية النفسية التي تساعد على قضاء وقت عادي خلال أثناء هذا الوباء، والتخفيف من أسباب فوبيا كورونا، وهذا ما نتعرف عليها من خلال النقاط التالية:
اتخاذ الإجراءات المناسبة في الحماية
يجب على الفرد أخذ الاحتياطات المناسبة في الحماية من العدوى، خاصة فيما يتعلق بالنظافة وارتداء الكمامات والتعقيم وغيرها من الإجراءات التي تساعد على تعزيز الحماية من الإصابة بعدوى كورونا، حيث نصحت منظمة الصحة العالمية وغيرها من المنظمات العالمية بأخذ الإجراءات المثالية للحماية من هذا الفيروس وكذلك تعزيز المناعة التي تعتبر الدفاع الأول في التخلص من الفيروس الداخل إلى الجسم والتخلص من الأعراض المختلفة التي تصيب الإنسان مع العدوى، وهذا له آثار جانبية إيجابية وهو تقليل الخوف والتقليل من انتشار الفوبيا، وهو التعايش مع الكورونا وأخذ الاحتياطات للحماية منها.
عدم متابعة الأخبار الغير موثوق بها
في مثل هذه الأوقات فالاعتماد على الشائعات والأخبار غير الموثوقة من الأمور التي تضر الجانب النفسي على المدى القصير والطويل أيضاً، وهذا ما يؤدي إلى زيادة الضعف في المناعة، وزيادة الجانب السلبي العضوي، وبالتالي فإن البعد عن الأخبار والشائعات الغير موثوقة عن كورونا من الأمور الضرورية، وفي المقابل يجب الاعتماد على كافة الأخبار والنصائح ومعلوماتك من السلطات الصحية المعتمدة في البلد الذي تعيش فيه.
وفي هذا الصدد لا يجب الاعتماد على الإنترنت أو سؤال محركات البحث عن الجوانب الصحية المختلفة، وذلك لأن مواقع الإنترنت غير متخصصة في هذا الجانب، بل إن هناك العديد من مواقع الإنترنت لا تطرح المعلومة العلمية والطبية الصحيحة، لذلك لا تعتمد عليها أبداً ولا تسأل هذه المواقع، وهذا يقلل من فوبيا كورونا ويقلل من نوبات القلق والتوتر التي قد تنتابك بسبب الأخبار المغلوطة والتي تعرفنا أنه أحد أهم الأسباب التي أدت إلى انتشار الخوف والهلع بشكل كبير.
تخلص من أفكارك السلبية
الأفكار السلبية تلعب دوراً كبيراً، فكثير من البشر يعانون في وقت الأزمات العالمية من انتشار الأفكار السلبية والتي قد تكون منهج حياة في كثير من الأحيان مع انتشارها وقد تتحول إلى أفكار وثوابت حياتية مع الوقت.
ومن هذه الأفكار مثلاً أن عائلتك سوف تصاب بكورونا، أو أحدهم سيموت بسبب فيروس كورونا، وقد تتعامل مع هذه الأفكار أنها أفكار لا ريب فيها و حقائق علمية وهذا خطر نفسي داهم للغاية ويجب التخلص منها تماماً.
ممارسة التمارين الرياضية اليومية
ممارسة التمارين الرياضية اليومية من ضمن الأمور التي تخفف وتقلل من التوتر والقلق اليومي الذي تعاني منه، بل إنه يقلل من فوبيا كورونا بشكل عام، وذلك لأن ممارسة الرياضة لها آثار إيجابية على الناحية النفسية من خلال إفراز الهرمونات المختلفة التي تعزز من المناعة، كما تزيد من الجانب النفسي وتقوي المناعة النفسية وتقلل من الهخمول والكسل بسبب الحظر العام الذي يحدث مع انتشار فيروس كورونا، لذلك فإن ممارسة التمارين الرياضية لها آثار لا حصر لها ويجب المواظبة على ممارسة الرياضة بشكل عام.
تدليل النفس واجب في مثل هذه الأوقات
في مثل هذه الأوقات الخطيرة التي تنتشر فيها الأوبئة والأمراض والصدمات الجماعية في العالم، فإن على نفسك حق، وحقها هذا من خلال تدليل نفسك بالأنشطة العامة والتي تساعد على الترويح عن النفس مثل مشاهدة الأفلام التي تساعد على الترويح عن النفس والتسلية، وكذلك المساعدة على أخذ قسط وافر من الراحة والعمل على ممارسة الهويات المختلفة التي تفرغ من الطاقة مثل الرسم والقراءة وغيرها من الهوايات المحببة للنفس.
والترويح عن النفس له العديد من الجوانب الهامة للغاية على الجانب النفسي والمعنوي وكذلك العضوي، حيث ان تعزيز المناعة يرتبط بشكل أساسي على تقليل الخوف والتوتر بشكل عام، والتخلص من الجوانب النفسية السلبية التي تزيد من سوء الحياة في مثل هذا الوقت.
نختم هذا العرض الشامل عن فوبيا كورونا، بما يسمية العلماء استعادة التوازن النفسي، فكثير من الأشخاص لا يعودون كما كانوا خاصة بعد الأحداث الكبيرة التي تحيط بهم، او بسبب أعراض واضطرابات ما بعد الصدمة، خاصة إذا كانوا يعانون من حالات وفيات قريبة منهم بسبب وباء كورونا، لذلك ينصح العلماء والمختصين هؤلاء الذين يعانون من عدم استعادة توازنهم النفسي أن الشعور بالرضا فيه الحل والتخفيف من حياتهم الصعبة التي تأثرت وزادت صعوبة بسبب فيروس كورونا، وهو ما يجعل الأمر صعباً عند البعض الذين يسخطون ولا يشعرون بالرضا.
في المقابل، فإن الصدمة طويلة الأمر قد تستمر وتزيد من عدم استعادة التوازن النفسي بشكل عاجل، لكن هذا قد يتغير خاصة مع الآمال العريضة التي يبشر بها العلماء والأطباء أن موجات فيروس كورونا تبدأ بالانحسار خاصة مع زيادة التلقيح والاختراعات التي تظهر خلال الشهور الماضية للعلاج والحماية من فيروس كورونا، فهل بالفعل سنشهد في الوقت القريب حلولاً جادة في الحماية وانحسار لموجات الفيروس ومعها انحسار لفوبيا كورونا؟ سنرى على أي حال.
في هذا العرض الشامل، ألقينا نظرة متفحصة على ما يعرفه العلماء فوبيا كورونا والأسباب التي أدت إليها، والحلول التي اقترحتها الأبحاث والدراسات للتخفيف منها.