من توتّرهم وغضبهم تعرفونهم… من قيادتهم تعرفونهم، ومن عصبيّتهم التي تتجلى في كلّ تصرفاتهم كذلك… إنهم اللبنانيون وانا منهم. نقود بسرعة، ننزعج ممن يعيق طريقنا، نغتاظ من أبسط المشكلات التي تصادفنا. هو الواقع، فما هي اسبابه؟
من المعروف ان للسياسة وقعها الكبير على الاقتصاد، فمتى تعثرت الأولى، تضرّر الثاني، كذلك الامر بالنسبة الى النواحي الاجتماعية والامنية والبيئية، كلها حلقة مترابطة، متى فُقدت واحدة، تزعزعت دائرة الامان. فماذا لو كنت تعيش في لبنان؟ بلد الثغرات الامنية، والاهتزاز الاجتماعي، والمشكلات البيئية التي غمرتنا اخيرا بنفايات لا أفق حلّ لها، ناهيك عن التناتش السياسي الذي ولّد فراغا في اهمّ ركائز الدولة.
منذ انطلقت شرارة الحرب اللبنانية في ذاك اليوم الاسود من نيسان عام 1975، فقد اللبنانيون الهدوء والطمأنينة، باتوا قتلة وقتلى، فالبندقية التي رفعوها على خصومهم، قتلتهم حينما قضت على أشقائهم وآبائهم ومحبيهم. تنقلوا بين الملاجئ، يشتمّون روائح الموت في كل زاوية، يبحثون عن أرض دافئة بعدما تحوّل بلدهم الصغير إلى ساحة معركة.
انتهت الحرب في الطرقات، غير انها رافقتهم في كل زاوية منها، مآسيها تسامرهم، وذكرى شهدائهم تضغط على جرحهم. منذ السلام المعلن، لم يعش المواطن في لبنان، سلاما ضمنيا، فالانفجارات والاغتيالات لاحقته على الطرقات، فلتان السلاح الذي ذاع في الحرب، استمرّ في السلم أيضا تحت عناوين أخرى، من دون محاسبة.
أضف إلى ذلك، مشكلات تراجع الاستثمارات المرتبط بتردّي الوضع السياسي، والتقنين الكهربائي، وزحمة السير الخانقة التي تأسرنا لساعات داخل سياراتنا، وارتفاع كلفة المعيشة وخصوصا الشقق السكنية، التي ومن حيث لا ندري باتت مصدر توتّر، ينعكس على يومياتنا وتعاطينا مع بعضنا البعض. حتى كلفة التعليم باتت تساوي ثروة، وسط فساد يستشري في القطاعات الحيويّة من دون حسيب ولا رقيب.
كيفما تنقّلت على الطريق، الجميع مستعجل، ينزعجون إذا اخّرتهم لثوانٍ، يطلقون العنان لابواق سياراتهم واشاراتهم الضوئية بلا هوادة، إشارات المرور الضوئية هي كابوسهم الاكبر، فتجدهم يبحثون عن طريق هي في معظم الاحيان اطول غير انها تريحهم من عبء انتظار الضوء الاخضر لدقيقتين.
سينتيا سركيس – MTV
ارسال تعليق جديد