يمكننا أن نرى السبب الذي يجعلنا ننسى أسماء بعض الناس. إن ذاكرتنا مذهلة حقا، لكنها تستجيب لعدد الروابط أوالصلات التي نصنعها لتخزين المعلومات الجديدة، وليس لمدى احتياجنا لمعرفة تلك المعلومات.
فعندما تقابل شخصا ما للمرة الأولى، فإنك تعرف اسمه، ولكن بالنسبة لذاكرتك، قد تكون هذه مجرد معلومة مقحمة، أو عشوائية، ليس لها ارتباط بأي شيء آخر تعرفه، ومنفصلة عن كل الأشياء الأخرى التي سوف تعرفها.
وبعد انتهاء حوارك معه، والذي ربما علمت خلاله كل شيء عن ذلك الشخص، مثل وظيفته، وهواياته، وأعضاء عائلته، أو أي شيء آخر، تصبح هذه المعلومات مرتبطة بأشياء محددة في ذاكرتك.
وتكمن المشكلة هنا في أنك تبدأ في ربط كل تلك المعلومات التي يخبرك عنها ذلك الشخص مع بعضها البعض، أو في شكل سلسلة من الأشياء التي يتصل كل منها بالآخر، لكن اسم ذلك الشخص يكون غالبا خارج إطار تلك الأشياء والروابط، لأنه يكون مجرد معلومة عشوائية لم تربط بينها وبين آي شيء في ذاكرتك خلال الحوار.
ولحسن الحظ، هناك طرق تمكننا من تقوية مثل تلك الروابط وبالتالي تترسخ لدينا الأسماء بجوار المعلومات الأخرى في الذاكرة. وهناك بعض المبادئ الأساسية التي تساعدك في تذكر الأسماء، ومنها ما يلي.
أولا، عليك أن تكرر أي اسم يقال لك، فالممارسة واحدة من القواعد الذهبية للتعلم: فكلما زادت عدد مرات الممارسة أو التكرار، كانت الذاكرة أقوى.
بالإضافة إلى ذلك، عندما تستخدم اسم شخص ما، فإنك تربط بينه وبين نفسك، من خلال النطق الفعلي لذلك الاسم، وكذلك من خلال ربطه بالموضوع الجاري للحوار في ذاكرتك.
ثانيا، عليك أن تحاول أن تربط ذلك الاسم الذي علمته للتو، بشيء آخر تعرفه بالفعل. ولا يهم إذا كان ذلك الرابط شيئا سخيفا تماما، لكن المهم هو أن تجد رابطا أو صلة ما تساعدك على أن يثبت الاسم في ذاكرتك.
على سبيل المثال، ربما يكون اسم الشخص جيمس، ويكون ذلك نفس اسم أحد أعز أصدقائك في المرحلة الثانوية، لكن على الرغم من أن ذلك الشخص يرتدي قميصا أزرق، وكان صديقك القديم جيمس يرتدي دائما قميصا أسود. ربما يكون ذلك رابطا سخيفا، لكنه يمكن أن يساعدك في تذكر ذلك الاسم الجديد.
وأخيرا، يمكنك استخدام أول ما يتبادر إلى ذهنك عند سماع اسم ذلك الشخص، كأن تقول مثلا إن جيمس يحمل نفس الاسم الذي تحمله إحدى نسخ الإنجيل في المسيحية، وهي نسخة "الملك جيمس"، والتي ورد فيها أيضا قصة "جونا" (أو يونس بالعربية) الذي ابتلعه الحوت، وكلاهما يبدأ اسمه بنفس الحرف. ويحب جيمس صيد الأسماك، لكنه بالتأكيد لا يحب أن يكون يوما صيدا لتلك الأسماك.
لا يهم أن تستخدم في ذلك روابط غريبة أو سخيفة، فليس عليك أن تخبر أحدا بها. في الواقع، من الأفضل ألا تخبر بها أحدا، وخاصة أصدقائك الجدد. لكن مثل تلك الروابط سوف تساعدك في خلق شبكة من العلاقات في ذاكرتك، وهو ما سيمنع تفلت أسماء الناس منها، خاصة عندما يحين الوقت الذي تجد نفسك فيه تقدم شخصا لآخر.
أما إذا كنت شخصا مميزا بالفعل، فعليك عزيزي القارئ أن تجرب الاختبار السريع التالي. لقد ذكرتُ في ثنايا هذا المقال ثلاثة أسماء، وأعتقد أنه يمكنك تذكر اسم جيمس، وكذلك اسم "جونا"، وربما يمكنك أيضا أن تتذكر ابنة العم ماري (أو على الأقل نوع الآيس كريم الذي تحبه).
ارسال تعليق جديد