قصة صاحب الجنتين .. 3 مشاهد لـ قصة قرآنية معبرة

قصة صاحب الجنتين .. 3 مشاهد لـ قصة قرآنية معبرة

قصة صاحب الجنتين

قصة صاحب الجنتين من القصص القرآني المعبّر الذي يقص على المؤمنين العبرة والعظة فهي قصص تعبر تحكي عن الأنبياء والصالحين بل وغير الصالحين والطغاة والمفسدين في الأرض، والأقوام التي سبقتنا لنعتبر من الذي حدث لهم بسبب عصيانهم أو إيمانهم بالله، في هذا المقال نلقي الضوء على قصة صاحب الجنتين.

في ضوء القرآن الكريم .. قصة صاحب الجنتين في 3 مشاهد

نتحدث فيما يلي عن قصة صاحب الجنتين في 3 مشاهد وذلك في ضوء القرآن الكريم الذي تحدث بالتفصيل عن هذه القصة فهيا بنا نعيش هذه القصة مع الرحلة الإيمانية والوصف القرآني البديع:

المشهد الأول .. الجهل والكفر بداية جحود النعمة
في سورة الكهف يحكي لنا الله تعالى عن قصة شخص كان له جنة من نخيل وعنب وغيرها من النعم التي لا تعد ولا تحصى، وكان هذا الرجل جاهل وكافر بنعمة الله هذه.

في نفس الوقت كان الرجل لجار رجل آخر فقير لا يملك شيئاً مما عند هذا الرجل الغني صاحب الجنتين ولكنه كان مؤمناً شاكراً لأنعم الله ودائماً يقول الحمد لله على نعم الله بل يقدم المعونة لجميع الناس.

وقد حكى الله في محكم الآيات في صدر سورة الكهف ذلك في قوله تعالى: وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلًا رَجُلَيْنِ جَعَلْنَا لِأَحَدِهِمَا جَنَّتَيْنِ مِنْ أَعْنَابٍ وَحَفَفْنَاهُمَا بِنَخْلٍ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمَا زَرْعًا*كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ آتَتْ أُكُلَهَا وَلَمْ تَظْلِمْ مِنْهُ شَيْئًا وَفَجَّرْنَا خِلَالَهُمَا نَهَرًا.

فقد كان الله تعالى يأمر الجنتين سواء جنة الرجل الكافر الجاحد بنعمة الله أو الرجل المؤمن بان تؤتي ثمارها من الفواكه وغيرها من الثمار.

ومن هنا تبدأ النقمة على الرجل الجاحد الكافر الذي لا يقوم بحق الله في هذه الجنة ويبدأ المشهد الثاني وتبدأ القصة تأخذ منحى جديد.

المشهد الثاني: الحوار بين الرجل الجاحد والمؤمن
في أسلوب بديع عظيم يحكي لنا القرآن ويسرد في سورة الكهف الحوار بين الرجل الكافر وبين الرجل المؤمن حول نعم الله وكيفية أداء الشكر على هذه النعم التي أعطاها الله لهما حيث يقول الله تعالى في محكم الآيات: وَكَانَ لَهُ ثَمَرٌ فَقَالَ لِصَاحِبِهِ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مَالًا وَأَعَزُّ نَفَرًا.

لقد ظن هذا الكافر أن مكانته العالية هي من نفسه وهو السبب الوحيد فيها وانه أكثر مالاً من هذا الرجل، بل لقد بدأ ينظر إلى الجنتين متكبّراً ظالماً لنفسه، حيث يقول الله تعالى في ذلك: وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ قَالَ مَا أَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ هَذِهِ أَبَدًا*وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلَى رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيْرًا مِنْهَا مُنْقَلَبًا.

ليأتي رد الرجل المؤمن ويقول أن الميزان في هذه الحياة الدنيا ليست بكثرة العز والنفوذ والأموال ولكنه بالتمسك بالله وبحبل الإيمان المتين وبدأ يذكّر هذا الرجل بالله تعالى.

حيث أخبرنا الله على لسان هذا الرجل حوار عظيم عن خلق الله للإنسان وتذكير البشر بحقيقة ضعفهم، حيث يقول الله تعالى: قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلًا.

بل يبدأ يأخذ الحوار منحى آخر وهو التذكير بأن الإيمان هو الأصل وليس المال والعز والنفوذ حيث قال تعالى على لسان هذا الرجل المؤمن الفقير: لَكِنَّا هُوَ اللهُ رَبِّي وَلَا أُشْرِكُ بِرَبِّي أَحَدًا*وَلَوْلَا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَاءَ اللهُ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِالله إِنْ تَرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنْكَ مَالًا وَوَلَدًا.

ويكمل المؤمن في حواره بإيمان ثابت وعظيم حيث يقول أن غضب الله إذا حل بأمر قضى على هذا الأمر، وأنه يخشى الله في المقام الأول، وقد يكون هذا الكفر والفسوق من جانب الرجل الغني سبباً في هلاك الجنتين وهما سبب فتنة هذا الرجل وعدم تصديقه وإيمانه بالله.

ويقول الله تعالى في هذه النقطة من الحوار على لسان الرجل المؤمن وحواره مع الكافر: فَعَسَى رَبِّي أَنْ يُؤْتِيَنِ خَيْرًا مِنْ جَنَّتِكَ وَيُرْسِلَ عَلَيْهَا حُسْبَانًا مِنَ السَّمَاءِ فَتُصْبِحَ صَعِيدًا زَلَقًا*أَوْ يُصْبِحَ مَاؤُهَا غَوْرًا فَلَنْ تَسْتَطِيعَ لَهُ طَلَبًا.

وهنا يبين الرجل الفقير قدرة الله في أنه سبحانه إذا أراد للشيء أن يقول له كن فيكون، وأنه القدير على الثواب وأيضاً على العقاب، وهذه لهجة محذرة لهذا الرجل المغرور الذي جحد بنعمة الله عليه، فيقول له قد يكون الله له حكمة وأنه يستطيع سبحانه وتعالى أن يرسل على الجنتين عقاباً لكي يؤدبك في الوقت الذي من الممكن ان يعطيني جنان أفضل منها.

وكأن الله أجرى على لسانه الحق، وهذه عبرة لمن يعتبر، فإن الأمر كله بيد الله تعالى وليس بيدنا، سواء في الدنيا أو الآخرة، وفي كل أمر نريده في الدنيا، لذلك علينا أن نثق في مقدرة الله ونؤمن بها، أما عن عقاب الرجل فهل الله أنهى هذه القصة على هذا النحو؟

المشهد الثالث .. عقاب الله الذي حل بالجنتين
في مشهد آخر وهو الأخير من قصة صاحب الجنتين التي ذكرها الله في سورة الكهف، وبأسلوب قرآني بديع يصف الله العقاب الذي حلّ بالجنتين حيث كان عقاباً على الكفر والجحود والعصيان والتكبّر والغرور من جانب هذا الرجل الكافر بنعمة الله، حيث جاء العقاب عندما أمر الله تعالى بأن يقضي على هذه الجنان من خلال غوّر المياه وتجفيف المنابع وبالتالي هلاك الزرع والثمار.

حيث قال تعالى في وصف هذا العقاب: وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ عَلَى مَا أَنْفَقَ فِيهَا وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا وَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُشْرِكْ بِرَبِّي أَحَدًا*وَلَمْ تَكُنْ لَهُ فِئَةٌ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مُنْتَصِرًا.

بعد هذا العقاب نجد أن الرجل الكافر بأنعم الله عليه بدأ يندم على ما فات ولكن هيهات، لقد جعل الله هذه القصة عبرة لنا بأن نشكر الله العظيم على جميع النعم التي أعطانا إياها، وأنه الله وحده لا شريك له هو المتفضل عليه بالنعم ويجب أن نعبده لا شريك له.

كما نعتبر من هذه القصة ذات الأسلوب البليغ ضرورة العطف على الفقراء والمساكين والمحتاجين، فهم لهم الحق في هذه النعمة، بل هي فرصة لنا لإتمام نعمة الله علينا بأن تدوم إلى الأبد طالما نراعي حق الفقراء فيها.

في نهاية هذه الرحلة الإيمانية المباركة، فإن القصص القرآني له أهمية كبيرة لدى المسلمين، فالقرآن الكريم مليء بهذه القصص المعبرة والتي ليست مجرد قصص للتسلية أو التزجية كباقي القصص ولكن لكل كلمة معنى وحكمة للإنسان لكي يعيش حياته في كنف الله ورعايته ويحيا حياة طيبة كما أرادها الله تعالى في الدنيا قبل الآخرة.

Leave a Reply